مؤتمر تفعيل دور البحث العلمي في بناء الاقتصاد المعرفي بالمملكة
أكد معالي الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن حمد الداود مدير الجامعة أن الجامعات في المملكة العربية السعودية منوطة بتقديم كل ما يطور جانب الاقتصاد المعرفي الذي يعد الركيزة الأساسية لزيادة الإنتاج والتطور، خاصة في ظل الدعم الكبير الذي تتلقاه الجامعات من القيادة الرشيدة من قبل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله –.
وأضاف "الداود" خلال رعايته لمؤتمر "نحو بحث علمي فاعل في بناء الاقتصاد المعرفي" الذي انطلق اليوم الأربعاء، بالمدينة الجامعية بالمليداء ويستمر حتى يوم غدٍ الخميس بمشاركة 13 متخصصاً من جامعات ومراكز بحثية متعددة من داخل المملكة وخارجها، أن الجامعات هي محط ومحور مناقشة مثل هذه الموضوعات، مشيراً إلى أهمية فهم الطلاب المتخصصين في برامج مختلفة بالدراسات العليا لأهمية دورهم في تنمية وتعزيز ومستقبل البحث العلمي في بلادنا.
كما أكد "الداود" أن إقامة هذا المؤتمر وانعقاده في جامعة القصيم يأتي حرصاً من وكالة الجامعة للدراسات والبحث العلمي، والمتخصصين في كليات ومراكز الأبحاث بالجامعة، على تفعيل هذا المحور الذي نصت عليه رؤية المملكة، وتفعيل هذا المصطلح للاقتصاد المعرفي ليس فقط بالحديث والاجتماعات والمؤتمرات، وإنما أيضا يجب علينا أن نخرج بهذه الأبحاث والتجارب من الجامعات إلى مرحلة الإنتاج، ومن بعده مرحلة التطوير ثم التشجيع.
وأضاف "الداود" أن الجامعة لن تقف عند عقد هذا المؤتمر، بل سيتلوه مؤتمرات ومناسبات، حتى نحتفل بإذن الله بزيادة وتنوع الإنتاج الذي نسعى إليه جميعاً على مستوى الجامعات، خاصة وأن الوطن بحاجة إلى بحث هذا الأمر وتفعيله وتطويره، مقدماً الشكر لكل من حضر وشارك وعمل لإنجاح هذا المؤتمر، وعلى الاهتمام بهذا الموضوع، مؤكدا أن الجامعة ستواصل هذه الجهود بإذن الله حتى نصل الى مراحل متقدمة من البحث العلمي نقارع بها من سبقنا في هذا المجال، مؤكداً على أهمية حضور الطلاب وخصوصاً طلاب الدراسات العليا لمثل هذه الندوات والمؤتمرات مما سينعكس إيجاباً على أدائهم، وانعكاسا على الوطن في تنميته الشاملة، داعياً الله للجميع التوفيق والسداد.
من جهته أكد الدكتور أحمد التركي وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر، أنه لا يخفى الجميع أن البحث العلمي الموجه هو الأساس الذي يبنى عليه الاقتصاد المعرفي، وهو الذي يقوم بتحويل المعرفة إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية قد تفوق قيمة الثروات الطبيعية، ولهذا فقد كان لزاما على الجامعات ومراكز الأبحاث في المملكة العربية السعودية أن تسعى لتوجيه أولويات البحث العلمي إلى أبحاث تطبيقية تنتهي بمنتجات قابلة للتطوير ثم التسويق، للإسهام في بناء اقتصاد مبني على المعرفة، والذي يعد أحد التطلعات الأساسية التي أكدت عليها أكثر من مرة رؤية المملكة 2030.
وأوضح "التركي" أنه من أبرز الأمثلة القائمة على الاقتصاد المعرفي في العالم ما فعلته شركة "أبل"، التي صنعت من مواد خامة رخيصة كالزجاج والبلاستك والنحاس أجهزة الهواتف الذكية والتي تباع بآلاف الدولارات، حيث تجاوز دخل هذه الشركة شركات العالم في مجالات النفط والغاز والسيارات والعقارات، مشيرًا إلى أنه من هذا المنطلق وتحقيقا لهذه الرؤية فقد رغبت الجامعة في تنظيم هذا المؤتمر بهدف الاستفادة من هذه التجارب وتوجيه الأبحاث العملية بالجامعات نحو اقتصاد معرفي، وإلى تحديد المعوقات والتحديات أمام البحث العملي نحو التحول إلى منتجات قابلة للتسويق.
وأضاف "التركي" أن المؤتمر يهدف أيضا إلى تحديد المعوقات والتحديات في هذا المجال وإلى تفعيل الفرص التي تسهم في بناء الاقتصاد المعرفي، والاستفادة من التجارب الناجحة في العالم العربي والدولي في هذا المجال، حيث شمل المؤتمر محاور مختلفة من أهمها متطلبات الاقتصاد المعرفي والمعوقات والتحديات والمجالات والفرص، بالإضافة إلى الممارسات الناجحة والتجارب المضيئة، وحظي المؤتمر بموافقة 13 باحثا ممن لديهم الخبرة والدراية والأبحاث العلمية في مجال المؤتمر من بعض الجامعات السعودية.
وألقى الدكتور محمد بن عبدالله آل عباس عضو مجلس الشورى كلمة المشاركين والتي أكد فيها على أن علم الاقتصاد لايزال مليئا بالأسرار والأفكار المتجددة والتحديات الكثيرة، مقتبسا مقولة لأحد الكتاب الاقتصاديين العالميين مفادها: "بأن الاقتصاد كما نعرفه اليوم لم يكن ليبقى لو أن التنبؤات الاقتصادية كانت صحيحة، بل إن الاقتصاد كما نعرفه اليوم قد جاء نتيجة لأخطاء الاقتصاديين أكثر من تنبؤاتهم الصحيحة"، مشيرًا إلى أن الأحداث الاقتصادية الهائلة التي مرت خلال القرون الماضية لم يكن بالإمكان التنبؤ بها بدقة بل في أحيانا كثيرة لم يكن بالإمكان التنظير لها، ومع ذلك فإن الكثير من الوقائع الاقتصادية كما نراها اليوم قد جاءت نتيجة لها.
ورأى "آل عباس" أن العالم يمر اليوم – ونحن معه – بالثورة الصناعة الرابعة وهي المرحلة التي تشهد اختراق التكنولوجيا للحياة الإنسانية كلها، وتظهر فيها الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو، والطباعة ثلاثية الأبعاد لتقودنا نحو تغيرات كبيرة في أنظمة الإنتاج والإدارة، ومع ذلك فإن هذا الاختراق الضخم بالكاد تم التنظير له وتقيم آثاره على المجتمعات، منوهًا إلى أن رؤيتنا 2030 يظهر فيها الاهتمام الرئيس بإحداث نقلة نوعية استراتيجية تتواكب مع هذا العصر التقني، مشيرا إلى أن الخطاب السنوي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – والذي ألقاه في مجلس الشورى قبل عدة أيام، وأشار فيه إلى أهمية تطوير الكوادر البشرية لمقابلة هذه التحولات.
وأكد "آل عباس" على أهمية الاستثمار الفعال برأس المال البشري، وإدراك أن تطوير رأس المال البشري والاستثمار فيه يتطلب العديد من الاجراءات لتعزيز مكانة العلم والبحث العلمي، فالاستثمار بالمعرفة بشكل عام هي مسألة أكبر من الاستثمار برأس المال البشري، مبينًا أن هذا ما أكده وزير المالية السعودي في اجتماعه مع صندوق النقل الدولي عندما أكد على أهمية بناء القدرات التي تؤدي إلى بناء التقنيات المتقدمة من قبل الحكومات والأفراد بشكل عام، وتطرق إلى أهمية التقنية في تعزيز الشمول المالي عالميا، مع تأكيد أهمية الاستفادة من هذه الأداة لتعزيز النمو الاقتصادي وتطوير الأسواق المالية وتحقيق التنمية المستدامة"، فالاستثمار بالمعرفة يعني الاستثمار بالتقنية وبالعقول التي تطبق هذه التقنية والتوازن هنا هو المحك.